Sunday, April 3, 2011

معارضة قصيدة "دنتِ السّاعة" لاٌمرئ القيس

بقلم: رياض الحبيّب
19.10.2010
 
دنتِ السّاعة واٌنشقّ القمَرْ -- عن غزال صادَ قلبي ونفرْ

إنّـهُ مطلع قصيدة شهيرة لِاٌمرئ القيس، من بحر الرّمَل، جميلة ومميّزة برهافة الحسّ لدى الشاعر وبأصالة الشّعْر في ذلك العصر المسمّى جهالة بالجاهلي. لكنّ بعض الجهات فيما بعد حاولت إنكار القصيدة على شاعرها بحجّة أنّ أسلوبها لم يرق إلى أسلوب معلّقته خصوصاً وأسلوب شعر اٌمرئ القيس عمومًا. أمّا السبب الحقيقي للإنكار والقويّ فيكمن في أنّ مؤلّف القرآن قد سرق منها ما سرق مع سبق الترصّد والإصرار – سورة القمر مثالًـا (استنادًا الى الحديث القائل: لما كانت فاطمة بنت محمد تتلو "اقتربت الساعة وانشق القمر" وهي بداية ما يسمّى بـ سورة القمر، سمعتها بنت امرئ القيس وقالت لها: هذه قطعة من قصائد أبي، أخذها أبوك وادّعى أن الله أنزلها عليه) ما حدا بجهات أخرى إلى إسقاط القصيدة من ديوان الشاعر المدوّن على الإنترنت؛ كموقع الموسوعة العالمية للشعر العربي، ذلك خلال محاولتي العثور على القصيدة هناك. وليس من المستبعد قيام شاعر متعصّب لإسلامه بمحاولة التلاعب بعدد من أبياتها لكي ينسبها إليه لكي يبعد الشبهة عن مؤلّف القرآن.

أمّا بعد فلعلّ اٌمرأ القيس قصد أنّ الغزال الذي خرج لكي يصطاد هو الذي صاد قلبه وامتلكه وشرَدَ به حتـّى فرّ من أفق رؤيته ونفر- فمِن أيّة جهة يلوح وإلى أيّ اتجاه يروح؟! لقد دنت ساعة ظهوره بل حانت وإلاّ فلعلّ القمر يجودُ على الشاعر، لعلّ ينفلق عن الغزال، يتجلّى بما فاق الوصف والخيال، تتهادى في أثره الظلال ويرجع القلب بعد صلاة وابتهال

رُبّما قصد اٌمرؤ القيس معنىً آخر غير ما تقدّم، لكنّ المعنى في قلب الشاعر- كما يُقال

واليوم وقفتُ داخل صالة الإنتظار عبر بوّابة المطار التي تطلّ منها سارة القيس ذات الأسفار متجشـّمة جميع الأخطار. إنـّما وددت قراءة مطلع القصيدة المذكورة ورؤيتها من زاوية حديثة؛ راقبت جوانب الصالة كي أتلقـّف الزاوية التي أتوجّه منها لملاقاتها، لم أكن أعرف متى ستطلّ ولا من أين، لكنّ نظراتي لم تحِدْ عن القمر الذي انشقّ لحظة وصولها ليفاجئني بإطلالتها البهيّة وإلاّ فما أدراني ما الذي زاد القمرَ بهاءً وروعة في تلك اللحظة

دنتِ السّاعة واٌنشقّ القمَرْ -- وَصَلتْ سارة ُ ما أحلى الخبَرْ
قمَرٌ حَدّث َ في روعَـتِهِ -- عن غزال صادَ قلبي ونفرْ

لقد قمت هنا بما سُمّيَ بالتشطير، إنه من فنون الشعر المُلحَقـَة بالبحور الستـّة عشر، تلك الفنون سبعة وهي:
لزوم ما لا يلزم والتشريع والتسميط والتخميس والتفويف والإجازة، بالإضافة إلى التشطير- راجع كتيّب “ميزان الذهب في صناعة شعر العرب” لمؤلفه السيد أحمد الهاشمي، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان

هنا ما وَصَل إلينا من قصيدة اٌمرئ القيس

دنتِ الساعةُ واٌنشقَّ القمَـرْ -- عن غزال صاد قلبي ونَفَرْ
أحورٌ قد حـِرْت في أوصافـِهِ -- ناعسُ الطرْفِ بعينـيهِ حَـوَرْ
مرَّ يومَ العيـدِ بي في زينـةٍ -- فرمـاني فتـعـاطى فَعَقــَرْ
بسِهـامٍ مِن لحـاظٍ فاتــكٍ -- فرَّ عني كهشيـم المُحْـتظـرْ
وإذا ما غـاب عنـّي ساعـة -- كانتِ السـاعة أدهى وأمَـرّ
كُتِب الحُسْـنُ على وجنتِهِ -- بسحيق المِسْـكِ سطرًا مُختصرْ
عادة الأقمارِ تسرى في الدجى -- فرأيتُ الليـلَ يسري بالقمـرْ
بالضحى والليـلِ مِن طرَّتـِهِ -- فرْقه ذا النور كم شيء زهـرْ
قلـتُ إذ شـقّ العِـذارُ خـدَّهُ -- دنتِ الساعة واٌنشـقّ القمـرْ
 

***

وهنا قصيدتي المُعارضة، مهداة إلى الحبيبة سارة القيس، لم يكفّ الشـّاعر عن التغزّل بها، إنّها الحبيبة قبل الزواج وبعده

_______
 
سارة القيس

دنتِ السّاعة واٌنشقّ القمَرْ -- وَصَلتْ سارةُ ما أحلى الخبَرْ

قمَرٌ حَدّثَ في روعَـتِهِ -- عن غزال صادَ قلبي ونفرْ

سارةُ القيس اٌستخفّتْ بالخطرْ -- ظنّتِ الدنيا قضاءً وقدَرْ

يا فؤادي إنـّما جدّ الهوى -- يتـشظّى كالثّريّا والمَطَرْ

ذا غزالي فرّ مِنّي غزلًـا -- ومديحًا كلّما حان السّمَرْ

أحمرُ الخدّين ما أحلاهما -- في بَياض مِن أعاجيب الصُّوَرْ

تلتقي حولهما نافورة -- مِن ظِلال ما لها مِن مُستقَرّ

خِصْلةٌ دارتْ على مِحْورها -- تتلوّى في دهاليز الشَّعَرْ

هِيَ في المَدّ وفي الجَزر يَدٌ -- لغريق بفم يشكو الخَدَرْ

كهلالـَينِ أطـَلّـا فجْأةً -- مِن تَحَدٍّ بينَ بَحْرَينِ وبَـرّ

في ثنايا رِيمةٍ رُوميّة -- ليس عند البَدو منها والحَضَرْ

غلبَ الحُسْنُ على أرجائها -- باٌختصارٍ لتصاميم البـَشَرْ

***

فرّتِ الرِّيمة ُ مِن ذئب الفَلا -- ذات يوم واٌستعدّتْ للسَّفَرْ

رحَلتْ باكية مِن بيئةٍ -- تركتْ في نفـْسِها أقسى أثَرْ

قدْرَ كلبٍ وحمارٍ حَصَدَتْ -- مِن سخافاتِ وَضِـيعٍ مُحتـَقـَرْ

زرَعَ البُغـْضَ بأصقاع الدّنى -- فتفشّى الرّعبُ فيها واٌنتشرْ

كفرَتْ سارة ُ بالدِّين الذي -- حَط ّ مِن قيمتها أنـّى عَـثَرْ

مِمّنِ الوحْيُ لكي يخدعَها -- بأساجيعَ وشِعْرٍ في سُوَرْ

تنزلُ الآي تِباعًا هكذا -- شاءَ عِزريلُ بطُول وقـِصَرْ

وُلِدَ الشّرْعُ مِن الغابِ وفي -- حَضرة الجنّ بوَيْلاتِ سَـقَرْ

ليت للمخدوع عَينًا لترى -- خدعة الحَرْفِ وكمْ زاغ البصَرْ

قالتِ الحَسْـناءُ لي واثقة -- لمْ يكُ الذئبُ ذكيًّا واٌنتصَرْ

إنّما الخَلـْقُ غبيٌّ حولَهُ -- لم يُفرّق بين رَبٍّ وحَجَرْ

ذلك الأبيض قـِيلَ اٌسْـوَدّ مِن -- قُبَلٍ ضاق بها صَدْرُ عُمَرْ

ومن الحَيض زمانًا غابرًا -- ومِن الحَكّ وأسباب أ ُخَرْ

هل دَرَتْ حوّاءُ يَوْمًا جنْسها -- سَيُلاقي ما تلقّى مِن ضَرَرْ

لغـَوَتْ آدمَ كيْ يَقتلها -- قلتُ يا ليتَ غوَتْهُ واٌنتحَرْ

نطقتْ سارة ُ بالحقّ فلا -- وَحْيَ لا تنزيلَ لا جبريلَ مَرّ

سارة ُ القيس اٌستعادتْ رُشـدَها -- بلسانٍ عَسَلًـا دَرّ وذرّ

مَيّزتْ خيرَ طريق فسَعَتْ -- تُعلِنُ البشرى وتزهو بالعِبَرْ

إنها بنتُ الأصول اٌعتصَمتْ -- بيسوع الحبّ والفادي الأغرّ

* * *
   
هو امرؤ القيس بن حجر بن الحارث بن عمرو… الكندي، شاعر جاهلي يُعَدّ أشهر شعراء العرب على الإطلاق، من أصحاب المُعَلّقات السبع أو العشر، مطلع معلّقته
قِفا نـَبْـكِ مِن ذِكرَى حَبيب ومَنزِلِ -- بسِقـْطِ اللِّوَى بَيْن الدَّخُول فحَوْمَلِ

يمانيّ الأصل، مولده بنجد. كان أبوه ملك أسد وغطفان، يُروى أنّ أمّه فاطمة بنت ربيعة بن الحارث بن زهير أخت كليب والمهلهل اٌبني ربيعة التغلبيّين. قال الشعر وهو صبي، جعل يشبّب ويلهو ويعاشر صعاليك العرب، فبلغ ذلك أباه، فنهاه عن سيرته فلم ينته، فأبعده إلى حضرموت موطن أبيه وعشيرته وهو في نحو العشرين من العمر. أقام زهاء خمس سنين، ثم جعل يتنقـّل مع أصحابه في أحياء العرب، يشرب ويطرب ويغزو ويلهو، إلى أن ثار بنو أسد على أبيه فقتلوه، فبلغه ذلك وهو جالس للشراب فقال: رحِمَ الله أبي! ضيّعني صغيراً وحمّلني دمه كبيراً، لا صحو اليوم ولا سكر غداً، اليوم خمر وغداً أمر

ذهب إلى المنذر ملك العراق، وطاف قبائل العرب حتى انتهى إلى السّمَوأل، فأجاره ومكث عنده مدة، ثم قصد الحارث بن شمر الغساني في الشام، فسيّره الحارث إلى القسطنطينية للقاء قيصر الروم يوستينيانوس، ولما كان بأنقرة ظهرت في جسمه قروح فأقام فيها إلى أن مات

لا يُعرَف تاريخ ولادة امرئ القيس بالضبط ولا تاريخ وفاته، إلاّ أن هناك حوادث ثابتة تاريخيًّا ودراسات حديثة، ما أعان على تحديد الفترة التي عاشها حتى توفي سنة 565 م بأعلى تقدير
_______


http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=188564

No comments:

Post a Comment