Sunday, April 3, 2011

معارضة قصيدة البردة لكعب بن زهير

بقلم: رياض الحبيّب 

الأربعاء 02 أبريل 2009

الرِّدَّة- رَدّاً على البُرْدَة


مِن سارةِ القيس قولُ الحقّ مأمولُ --- لا مِن سُعادَ وسَيفُ الرّعْب مسلولُ 1

قالت لكي تسمعَ الدّنيا مقالتها: --- دينٌ من الجنّ مخلوطٌ ومجبولُ

قد روّع الناس يُعميهمْ ويسلبهمْ --- حقّ التحرّر هذا الدِّينُ مشلولُ

ثوروا عليه لأنّ النورَ يغمرُكمْ --- فالمستنيرون ما هانوا ولا نيلوا

هذا أوانُ اٌنتصار الفكر مزدهِراً --- تحوّلَ الفكرُ ما للسيف تخويلُ

فلا بداوة تطغى وهي ناحلة --- ولا تمدّن يرقى وهو منحولُ

نُبّئتُ أنّ فلولَ الغزو قابضة --- على الرّقاب ودين الغزو مفعولُ

يا وَيلتي وا إلهي أنت معتصَمِي --- أنت المُخلِّصُ إذ إبليسُ مخذولُ

***

لبّيكِ يا سارتا فاليومَ قبلَ غدٍ --- مهما هَمَى الدّمعُ فلْتُطوَ المناديلُ

هذا زمانُ تشظّي النور في أفُقٍ --- لهُ الفضاءُ سفيرٌ والمراسيلُ

تكسّرَ القيدُ فالأغلالُ زائلة --- وقدْ تبرّأ من أعوامِهِ الفيلُ

حيثُ المقالات تترى والقصائدُ في --- عصر الخلافة تبويقٌ وتطبيلُ

بانت أكاذيبُ دِينٍ مِلؤهُ سَجَعٌ --- مُشَبّعٌ بحديث الإنس مصقولُ

دين تخبّط بين المفردات فما --- جدوى البلاغة حيث السّمّ معسولُ

وحْيٌ سرى بين أفخاذٍ وأقمِصةٍ --- قيلَ: الملاك فشاعَ القالُ والقيلُ

ختمُ النبوّة هَدْيٌ يُسْتدَلّ بهِ --- على النبيّين لا وَشمٌ وثؤلولُ

إنّ الذي اٌنكشفت عن سقف دعوتهِ --- مخابئٌ ونذيرُ الشؤم تنزيلُ

لمْ يُقنع الناسَ إلاّ سُذجاً فسعى --- بهِمْ ومَسعاهُ ترهيبٌ وتنكيلُ

جماعة ليس همّ الدِّين يشغلهمْ --- لكنْ رسولٌ من الشيطان مقبولُ

إلى الدّماء عَطاشى إذ هوايتهمْ --- صَيْدٌ وغزوٌ وتسليبٌ وتقتيلُ

جابوا الديارَ ذئاباً ليس يمنعهمْ --- سوادُ ليلٍ ولا عَرضٌ ولا طولُ

عبرَ البحار أغارت غيرَ آبهةٍ --- بمَحْرَمٍ فمضت تغزو أساطيلُ

تأوي الشياطين في الأرض التي اٌغتصبتْ --- يقودُها سيّدٌ مستكلبٌ غولُ

لا يسلمُ الحُرّ من تكذيب دعوتِهِ --- إلاّ قضى وصدى التكبير تهليلُ

غدراً فإمّا بسيفٍ أو بقنبلةٍ --- تُرمى ومِن بيتِهِ تُسبى مثاكيلُ

***

ما بُردَة أهدِيَت بلْ خِرْقة بَلِيَت --- قصيدة ألقِيت منها أباطيلُ

قد ناءَ كعْبُ بها نظماً وترضية --- خوفاً وكمْ مِن فمٍ ذاعتْ أقاويلُ

على مسامع قرصانٍ عباءتهُ --- مِن النبال تضاهيها غرابيلُ

إذا الحريرُ وأصناف الغنائم في --- أيدي غزاةٍ ولحْمُ الإنس مأكولُ

ما كان في يدِ كعْبٍ غيرُ قافيةٍ --- تصدّ عنه البلايا وهْو مَغلولُ

قد فرّ مِن أهلهِ ينوي مؤازرة --- مِن الديار وحَبلُ الغدر مفتولُ

فالويلُ يتبعهُ مِن كلّ ناحيةٍ --- صَوْبَ المشارق حيث العقلُ مغسولُ

ضحّى سِواهُ بروحٍ جدّ سامية --- عن الفرار كعِزّ الأهلِ ما عِيلوا

عزّ الملاذ على كعْب ومِحنتِهِ --- لو فرّ ما ضاق عند الله تسهيلُ

أتى "الرّسولَ" بإطراءٍ ومعذرةٍ --- فما يُضيرُ ذليلَ القوم تذليلُ

من الصّحَابة أضحى بعد بُرْدَتِهِ --- ما صُحبة بقِيَت والقلبُ مكبولُ

هلْ كان يعني مديحاً في قصائدِهِ --- فما لغير الإله الحيّ تبجيلُ

لكنّها قشّة لاذ الغريق بها --- عوناً فإلّا يلُذ لا بُدّ مقتولُ

ذي بُردة العار قد أزرت بلابسها --- فالثوبُ سترٌ وأمّا تلكَ برطيلُ

توارثتها خلافاتٌ وقدْ شُغِلت --- بها عثامينُ إذ رثّت سرابيلُ

***

ضاعت سُعادُ وما ضاعت قصائدُها --- إنّ التشبّبَ باقٍ سطرُهُ ميلُ

رأيت فيها رؤى شتّى وقافية --- حتّى تجدّدَ موّالٌ وترتيلُ

ذي سارةُ القيس عندي اليومَ فاتنة --- قلبي وعقلي ووحْي الحُبِّ إنجيلُ

لقد تعمّدتُ بالإنجيل مختبـِراً --- سرّ الحياة وبعضُ السّرّ مجهولُ

مَن شاءَ فليأتِ لا خوفاً ولا هلعاً --- إنّ المحبّة في الإنجيل إكليلُ

هو الطريق إلى مَجْدٍ ومَفخرةٍ --- لا سيفَ يُكرِهُ لا مُرتدَّ مَعزولُ

ما لي أخبّئُ حبّاً سارياً بدمي --- ويعتري حبَّ ربّ المجد تبديلُ 2

كفى ضلالاً وتعتيماً فتبرئة --- لظالم الخَلْق والتنزيلُ تضليلُ

لقد تمادى بغيٍّ فاٌكتوى بأذىً --- كلّ الشعوب وقال: اللهُ مَـسؤولُ

لا يقبلُ الله أن تفنى خليقتهُ --- بالرّعب حاشا فما للشرْع تعديلُ

قد أكملَ الشّرعَ قدّوسٌ رسالتُهُ --- حُبٌّ وسِلمٌ ومعروفٌ وتنويلُ

أمّا الأحبّة فالإيثارُ بينهُمُ --- لا جيلَ يُنكِرُ ما أبقى لهُ جيلُ 3

مِن التراث وقد أوصى بموعظةٍ --- حُسنى وفي الفكر تخييرٌ وتفضيلُ

ما ضرّ قوماً إذا أوتوا بنابغةٍ --- يحكي الصّحيحَ وما يحكيه معقولُ

لا يُخضِع العقلَ تجميدٌ وبرمجة --- فلْيُلزِمِ العقلَ تنويرٌ وتشغيلُ

ما قلت قولاً بذا لؤماً وسخرية --- حاشا فقلبي بحبّ الله مشغولُ

في العقل مُختبَرٌ أرقى عناصرِهِ --- نورٌ وحِلمٌ وتفكيرٌ وتحليلُ

من العواطف ما تُرجى شفاعتهُ --- لكنّ بعضَ هوى الوجدان معلولُ

لا يرتضي المرءُ دِين الآخـَرين ألا --- أنّ الخلاصَ لَمعروضٌ ومشمولُ

مَن شاء فليقتبلْ دين المسيح ومَن --- يرفضْ فأصعبُ ما في الحبّ تحويلُ

دِين المحبّة إعجازٌ لناكرها --- ولن أطيلَ فما تخفى التفاصيلُ

***

يا سارة القيس زيدي القلبَ تسلية --- في القلب زيتٌ وفي عينيكِ قنديلُ

هيَ البداية لا تقوى بخاتمةٍ --- مِن دون عينيكِ حيثُ الشِّعْرُ محمولُ

*******

¤ مهداة إلى أهالي ضحايا الرّدّة

1 سارة القيس: كنية زوجة الشاعر- صاحب المعارضة

2 معارضة لبيت الشاعر العبّاسي أبي الطّيّب المتنبّي القائل:
ما لي أكتّمُ حبّاً قد برى جسدي--- وتدّعي حُبّ سيف الدولة الأممُ


علماً أن بعض الأدباء يعدّون المتنبّي أشعر العرب ويُقال أنه ادّعى النبوّة
وبالمناسبة، لم أقرأ في شعره أيّ مديح لرسول الإسلام

3 معارضة لبيت المتنبّي القائل:
أمّا الأحبّة فالبيداء دونهُمُ --- فليتَ دونك بِيْداً دونها بيدُ
_______

No comments:

Post a Comment