Sunday, April 17, 2011

معارضة المعلّقات العشر (١) معلّقة اٌمرئ القيس

بقلم: رياض الحبيّب
21.12.2010
 

أقتبس من الرابط المذكور أدنى: {تكاد كلمة العلماء بالشعر تتفق، في ما يتعلق بمنزلة المعلقة، على أن أفضل تراث أدبي ورثه العرب من شعر الجاهلية معلّقة امرئ القيس، يعدّون ابتداءها أفضل ابتداء من مطالع الشعر العربي. وقد بلغت من الشهرة في عالم الأدب والشعر منزلة ليست لغيرها، حتى جُعِلت مثلاً أعلى في الجودة وحتى ضُرب بها المثل في الحسن والشهرة، فقيل: (أشهر من قفا نبْك!) و(أحسن من قفا نبك!)... إلخ} انتهى

 
وقد اخترت منها الأبيات التالية

قِفا نبْكِ مِن ذِكرَى حَبيبٍ ومَنزِلِ -- بسِقطِ اللِّوَى بَيْن الدَّخولِ فحَوْمَلِ
تقُولُ وقد مَالَ الغَبيْطُ بنا مَعاً: -- عَقرْتَ بَعِـيرِي يا اٌمْرأ القيْسِ فاٌنزِلِ
فقلتُ لهَا: سِيْرِي وأرْخِي زِمَامَهُ -- ولا تبْعِدِيْنِي مِنْ جَناكِ المُعَلَّلِ
إذا التفتتْ نحْوي تضوّع ريحُها -- نسيمَ الصَّبا جاءتْ برَيّا القرُنفُلِ
مُهَفهَفة ٌ بَيْضَاءُ غيْرُ مُفاضَة -- ترَائِبُهَا مَصْقـولَة كالسَّجَنجَلِ
تُضِيءُ الظَّلامَ بالعِشاءِ كأنَّهَا -- مَنارَة مُمْسَى رَاهِبٍ مُتبَتِّلِ
إلى مِثلِهَا يَرْنُو الحَلِيْمُ صَبَابَة -- إذا مَا اٌسْبَكرَّتْ بَيْن دِرْع ومِجْوَلِ
وليْلٍ كمَوْجِ البَحْرِ أرْخى سُدُولهُ -- عَليَّ بأنواعِ الهُمُوْمِ لِيَبتلِيْ
فقلتُ لهُ لمَّا تمَطَّى بصُلبهِ -- وأرْدَفَ أعْجَازاً وناءَ بكلكلِ
ألا أيُّهَا اللَّيلُ الطَّوِيلُ ألا اٌنجَلِ -- بصُبْح ومَا الإصْبَاحُ منِكَ بأمْثلِ
مِكَرٍّ مِفرٍّ مُقبلٍ مُدْبرٍ مَعاً -- كجُلمُوْدِ صَخرٍ حَطَّهُ السَّيلُ مِن عَلِ
______________


المُعارَضة ١
----------

وقفتُ على ذِكرَى تصدّعِ منزلِ – و ذِكرَى اٌرتحالٍ من عِـراق التذلّلِ


فجُبتُ حدوداً أقتفي في نقاطها – مَمَرّاتِ إنسانٍ نجا بالتسلّلِ


يُقابلني طيفُ الحبيبة باكياً – بصمتٍ فأبكاني بصوتٍ مُزلزِلِ


أردّدُ شِعراً في صِبايَ كتبتُهُ – إليها فلمْ أسكتْ ولمْ أتمَهّـلِ


رثيتُ لحالٍ بات صعباً قبولُهُ – وقد كنتُ أقضيهِ بأحلى تغزّلِ


رقيقٍ بليغٍ مُرهَفِ الحسّ صادقٍ – رفيعٍ بديعٍ حالمٍ مُتجَمِّلِ


نذرتُ إذا ما الحظّ أسعف رحلتي – أغنّجُ عينيها بديوانِ أخطلِ


فلمّا تلاقى البَرّ والبَحرُ واٌنتهى – على زورقٍ خطْويْ بليلٍ ومِشعَـلِ


تساءَلتُ لا أدري أحانت مَنيّتي – أمِ اٌمتحَن الطُّوفانُ فرْط تأمّلي


إلى الضّفة الأخرى تسارَعَ نائياً – يقاومُ مَوجَاً شِبْه حِصْن السّمَوءَلِ


رَسا بعد أيّامٍ على طولِ غُـرْبةٍ – وعُـمْقِ معاناةٍ وعَـرْضِ ترَحّلِ


أطُوف على البلدان لا أستسيغُها – وأركضُ مِثلَ البائع المتجوِّلِ


مطاعمُها في الحَلق حَبّة حَنظلِ – مشاربُها في القلب حَبّة فُلفلِ


إلى أن دعـتني أمّة ٌ أجنبيّة ٌ – إلى وطنٍ ثانٍ جميلٍ مُعَلِّلِ ٢


سَعَيتُ لعيشٍ خير ما يطمَحُ الفتى – شريفاً فلم أكسَلْ ولمْ أتسوّلِ


وسـلّمتُ للأقدار أمري وغايتي – وجدّدتُ شِعْـري بالقريض المُؤثَّلِ


يُشاغلني شوقي إلى دار مولدي – فأعقِلُ أفكاري بحَبلِ التبدُّلِ


تعلّمتُ أنّ المرءَ يولدُ مرّة – وينضجُ مرّاتٍ كقُطنةِ مِغزلِ


هنيئاً لأهلي في العراق صمودُهُمْ – عظيمٌ بوجهِ الغادر المُتطفِّـلِ


ورَدع جبانٍ حاقـدٍ مُفلِسٍ إذا – تعرّضَ للشّرطيّ فرّ كنعْثلِ ٣


هنيئاً لأصحاب المروءة والنّهى – أصائلَ في تأمين ذودٍ ومَوئِلِ

فإنّهُمُ، مهما سرى الهَولُ، فوقهُ – وفي عُرْفهِمْ: مَهْما علا السّيلُ يَنزِلِ

 
*****

١ المعارضة معروفة بمعنى المقابلة في تراث الشعر العربي، إنها محاولة شاعر كتابة قصيدة على نسق قصيدة شاعر آخر وزناً وقافية؛ إمّا مُعجَباً بها أو مفنِّداً ما ورد فيها أو هاجياً شاعـرَها أو مُتبارياً معه
نقرأ في لسان العرب {عارَضَ الشّيءَ بالشيءِ مُعارضة: قابَلهُ، وعارَضْتُ كتابي بكتابه أَي قابلته، وفلان يُعارِضُني أَي يُبارِيني... إلخ} انتهى

٢ المُعَلِّل: مَن يُعَلِّلُ مُتَرَشِّفهُ بالرِّيق؛ قال ابن الأَعرابي: المُعَلِّل هو المُعِـين بالبِرِّ بعد البرّ - لسان العرب


٣ النَّعْثَـلُ: الذّكَرُ مِن الضِّباع – لسان العرب والقاموس المحيط- عِلماً أنّ الضّبع مؤنثة



www.linga.org/one-article/cid8/aid541.html
 

No comments:

Post a Comment